فصل: التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 3‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيء خبيث، فجعلوا يأكلون من النيء الخبيث ويتركون النضيج الطيب‏.‏ قلت‏:‏ ما هؤلاء يا جبريل‏!‏‏؟‏ قال‏:‏ هذا الرجل من أمتك‏.‏‏.‏‏.‏ تكون عنده المرأة الحلال فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتي رجلا خبيثا تبيت معه حتى تصبح‏.‏

ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شي إلا خرقته، قال‏:‏ ما هذا يا جبريل‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏‏!‏‏؟‏ قال‏:‏ هذا مثل أوقام من أمتك‏.‏‏.‏‏.‏ يقعدون على الطريق فيقطعونه‏.‏

ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها، فقال‏:‏ ما هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها‏.‏

ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار‏.‏‏.‏‏.‏ كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال‏:‏ ما هؤلاء يا جبريل‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء خطباء الفتنة‏.‏

ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع‏.‏ قال‏:‏ ما هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها‏.‏

ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح مسك، وسمع صوتا فقال‏:‏ يا جبريل، ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا صوت الجنة‏.‏‏.‏‏.‏ تقول‏:‏ يا رب، ائتني بما وعدتني فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري، فائتني ما وعدتني، فقال‏:‏ لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة‏.‏ قالت‏:‏ رضيت‏.‏

ثم أتى على واد فسمع شكوى ووجد ريحا منتنة فقال‏:‏ ما هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا صوت جهنم، تقول‏:‏ رب ائتني بما وعدتني، فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ما وعدتني، قال‏:‏ لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب‏.‏ قالت‏:‏ قد رضيت‏.‏

ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة، ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام‏.‏‏.‏‏.‏ فلما قضيت الصلاة قالوا‏:‏ يا جبريل، من هذا معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ قالوا‏:‏ وقد بعث إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء‏.‏

ثم لقي أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيم عليه السلام‏:‏ الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا يؤتم بي، وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما‏.‏ ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال‏:‏ الحمد لله الذي كلمني تكليما وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي، وجعل من أمتي ‏(‏أمة يهدون بالحق وبه يعدلون‏)‏ ‏(‏الأعراف، الآية، 159‏.‏ ونص الآية ‏(‏ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون‏)‏‏.‏ ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال‏:‏ الحمد لله الذي جعل لي ملك عظيما، وعلمني الزبور، وألان لي الحديد، وسخر لي الجبال يسبحن والطير، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب‏.‏ ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال‏:‏ الحمد لله الذي سخر لي الرياح، وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شيء فضلا، وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي، وجعل ملكي ملكا طيبا، ليس فيه حساب، ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه فقال‏:‏ الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ثم قال له‏:‏ كن فيكون، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله، ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان علينا سبيل‏.‏

ثم إن محمد صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال‏:‏ ‏"‏كلكم أثنى على ربه وإني مثن على ربي‏"‏ فقال‏:‏ ‏"‏الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان لكل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتي أمة وسطا، وجعل أمتي هم الأولون والآخرون، وشرح لي صدري، ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحا وخاتما‏"‏‏.‏ فقال إبراهيم عليه السلام‏:‏ بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم‏:‏ أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها، فأتي بإناء منها فيه ماء، فقيل‏:‏ اشرب، فشرب منه يسيرا، ثم رفع إليه إناء آخر فيه لبن، فقيل‏:‏ اشرب، فشرب منه حتى روي، ثم رفع إليه إناء آخر فيه خمر، فقيل له‏:‏ اشرب، فقال‏:‏ لا أريده قد رويت‏.‏ فقال له جبريل‏:‏ - عليه السلام - أما أنها ستحرم على أمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل‏.‏

ثم صعدوا بي إلى السماء فاستفتح، فقيل‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا محمد، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء، كما ينقص من خلق الناس، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه فرح وضحك، وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن، فقلت يا جبريل، من هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذي يمينه باب الجنة، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، والباب الذي عن شماله باب جهنم، إذا نظر من يدخله بكى وحزن‏.‏

ثم صعد بي جبريل عليه السلام إلى السماء الثانية، فاستفتح قيل‏:‏ من هذا معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فإذا هو بشابين، قال‏:‏ يا جبريل، من هذان‏؟‏ قال‏:‏ عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا‏.‏

فصعد به إلى السماء الثالثة، فاستفتح، فقالوا‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ جبريل، قالوا‏:‏ ومن معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، قال‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا أخوك يوسف عليه السلام‏.‏

ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح فقيل‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ جبريل، قالوا‏:‏ ومن معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل، قال‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا إدريس رفعه الله مكان عليا‏.‏

ثم صعد إلى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ جبريل، قيل‏:‏ ومن معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ مرحبا به حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم، قال‏:‏ من هذا يا جبريل ومن هؤلاء حوله‏؟‏ قال‏:‏ هذا هرون المحبب وهؤلاء بنو إسرائيل‏.‏

ثم صعد به إلى السماء السادسة فاستفتح فقيل له‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ جبريل، قيل‏:‏ ومن معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فإذا هو برجل جالس فجاوزه فبكى الرجل قال‏:‏ يا جبريل من هذا‏؟‏ قال‏:‏ موسى، قال‏:‏ فما له يبكي‏؟‏ قال‏:‏ زعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا وأنا في أخرى فلو أنه بنفسه لم أبال، ولكن مع كل نبي أمته‏.‏

ثم صعد به إلى السماء السابعة فاستفتح، فقيل من هذا‏؟‏ قال‏:‏ جبريل، قيل‏:‏ ومن معك‏؟‏ قال‏:‏ محمد، قالوا‏:‏ وقد أرسل إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شيء، فقام هؤلاء الذين في ألوانها شيء فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص ولم يكن في أبدانهم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فصارت مثل ألوان أصحابهم، فجاؤوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقال‏:‏ يا جبريل، من هذا الأشمط، ومن هؤلاء بيض الوجوه، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء، وما هذه الأنهار التي دخلوا‏؟‏ قال‏:‏ هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض‏.‏ وأما هؤلاء البيض الوجوه، فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، فتابوا فتاب الله عليهم، وأما الأنهار، فأولها رحمة الله، والثاني نعمة الله، والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا‏.‏

ثم انتهى إلى السدرة، قيل له‏:‏ هذه السدرة ينتهي إليها كل واحد خلا من أمتك على نسك، فإذا هي شجرة يخرج من اصلها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمرة لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها، الورقة منها مغطية للأمة كلها، فغشيها نور الخلاق عز وجل، وغشيتها الملائكة عليهم السلام أمثال الغربان حين تقع على الشجرة‏.‏

فكلمه الله تعالى عند ذلك فقال له‏:‏ سل، فقال‏:‏ اتخذت إبراهيم خليلا، وأعطيته ملكا عظيما، وكلمت موسى تكليما، وأعطيت داود ملكا عظيما، وألنت له الحديد وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل‏.‏

فقال له ربه عز وجل‏:‏ وقد اتخذتك خليلا، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك‏.‏ ورفعت لك ذكرك، فلا أذكر إلا وذكرت معي، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم، وجعلتك أول النبيين خلقا، وآخرهم بعثا، وأولهم يقضى له، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك الكوثر وأعطيتك ثمانية أسهم‏:‏ الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلتك فاتحا وخاتما‏.‏

قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فضلني ربي وأرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وألقى في قلب عدوي الرعب من مسيرة شهر، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا، وأعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه، وعرضت علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع، ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر، ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين، كأنما خرمت أعينهم بالمخيط، فلم يخف علي ما هم لاقون من بعدي، وأمرت بخمسين صلاة‏.‏‏"‏

فلما رجع إلى موسى عليه السلام قال‏:‏ بم أمرت‏؟‏ قال‏:‏ بخمسين صلاة، قال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف، فوضع عنه عشرا، ثم رجع إلى موسى فقال‏:‏ بكم أمرت‏؟‏ قال‏:‏ بأربعين‏:‏ قال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع فوضع عنه عشرا، إلى أن جعلها خمسا، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، قال‏:‏ قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه، فما أنا براجع إليه‏.‏ قيل له‏:‏ أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة، وإن كل حسنة بعشر أمثالها، فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا‏.‏ قال‏:‏ وكان موسى عليه السلام من أشدهم عليه حين مر به، وخيرهم له حين رجع إليه‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 4‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه عبد الرحمن، عن أبيه أبي ليلى‏:‏ أن جبريل عليه السلام أتى النبي بالبراق فحمله بين يديه، ثم جعل يسير به فإذا بلغ مكانا مطأطئا طالت يداه وقصرت رجلاه حتى يستوي به، ثم عرض له رجل عن يمين الطريق، فجعل يناديه يا محمد، إلى الطريق، مرتين، فقال له جبريل عليه السلام‏:‏ امض ولا تكلم أحدا، ثم عرض له رجل عن يسار الطريق، فقال له إلى الطريق يا محمد، فقال له جبريل عليه السلام‏:‏ امض ولا تكلم أحدا، ثم عرضت له امرأة حسناء جميلة، ثم قال له جبريل السلام‏:‏ تدري من الرجل الذي دعاك عن يمين الطريق‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ تلك اليهود دعتك إلى دينهم‏.‏ ثم قال‏:‏ تدري من الرجل الذي دعاك عن يسار الطريق‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ تلك النصارى، دعتك إلى دينهم‏.‏ ثم قال‏:‏ تدري من المرأة الحسناء الجميلة‏؟‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ تلك الدنيا تدعوك إلى نفسها، ثم انطلقا حتى أتيا بيت المقدس، فإذا هم بنفر جلوس، فقالوا مرحبا بالنبي الأمي، وإذا في النفر شيخ، قال‏:‏ ومن هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا أبوك إبراهيم، وهذا موسى، وهذا عيسى، ثم أقيمت الصلاة، فتدافعوا‏.‏ حتى قدموا محمدا صلى الله عليه وسلم، ثم أتوا بأشربة، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن، فقال له جبريل عليه السلام أصبت الفطرة، ثم قيل له‏:‏ قم إلى ربك، فقام فدخل، ثم جاء فقيل له‏:‏ ماذا صنعت‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏فرضت على أمتي خمسون صلاة‏"‏ فقال له موسى عليه السلام‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق هذا، فرجع ثم جاء فقال له موسى عليه السلام‏:‏ ماذا صنعت‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏ردها إلى خمسين وعشرين‏"‏ فقال‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع ثم جاء فقال‏:‏ ردها إلى اثنتي عشرة، فقال موسى عليه السلام‏:‏ ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فرجع ثم جاء فقال‏:‏ ‏"‏ردها إلى خمس‏"‏ فقال موسى عليه السلام‏:‏ ارجع فاسأله التخفيف قال‏:‏ ‏"‏قد استحيت من ربي فما أراجعه وقد قال لي ربي أن لك بكل ردة رددتها مسألة أعطيتكها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عرفة في جزئه المشهور وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر في تاريخه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتاني جبريل عليه السلام بدابة دون البغل وفوق الحمار، فحملني عليه ثم انطلق يهوي بنا كلما صعد عقبة استوت رجلاه كذلك مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه، حتى مررنا برجل طوال سبط آدم كأنه من رجال شنوأة، وهو يقول‏:‏ ويرفع صوته أكرمته وفضلته، فدفعنا إليه فسلمنا، فرد السلام، فقال‏:‏ ‏"‏من هذا معك يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا أحمد قال‏:‏ مرحبا بالنبي الأمي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، ثم اندفعنا، فقلت‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، قلت‏:‏ ومن يعاتب‏؟‏ قال‏:‏ يعاتب ربه فيك، قلت‏:‏ ويرفع صوته على ربه‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ إن الله قد عرف له حديثه، ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السراح تحتها شيخ وعياله، فقال لي جبريل عليه السلام‏:‏ اعمد إلى أبيك إبراهيم، فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام، فقال إبراهيم‏:‏ من معك يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا ابنك أحمد، فقال‏:‏ مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، يا بني، إنك لاق ربك الليلة، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل، ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى، فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء عليهم السلام تربط بها، ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد، ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن، فأخذت اللبن فشربت، فضرب جبريل عليه السلام منكبي، وقال أصبت الفطرة، ثم أقيمت الصلاة فأممتهم ثم انصرفنا فأقبلنا‏"‏‏.‏

وأخرج الحارث بن أبي أسامة والبزار والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وابن عساكر من طريق علقمة رضي الله عنه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتيت بالبراق فركبته إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه وإذا هبط ارتفعت يداه، فسار بنا في أرض غمة منتنة، ثم أفضينا إلى أرض فيحاء طيبة، فسألت جبريل عليه السلام‏؟‏ قال‏:‏ تلك أرض النار وهذه أرض الجنة، فأتيت على رجل قائم يصلي، فقلت‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ فقال‏:‏ هذا أخوك عيسى عليه السلام فسرنا، فسمعنا صوتا وتذمرا، فأتينا على رجل فقال‏:‏ من هذا معك‏؟‏ قال‏:‏ هذا أخوك محمد صلى الله عليه وسلم، فسلم ودعا بالبركة وقال‏:‏ سل لأمتك اليسر، فقلت من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا أخوك موسى عليه السلام، قلت على من كان تذمره‏؟‏ قال‏:‏ على ربه عز وجل، قلت‏:‏ على ربه‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قد عرف حدته، ثم سرنا فرأيت مصابيح وضوءا، فقلت‏:‏ ما هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذه شجرة أبيك إبراهيم عليه السلام

ادن منها، فدنوت منها، فرحب بي ودعا لي بالبركة، ثم مضينا حتى أتينا بيت المقدس، فربطت الدابة بالحلقة التي تربط بها الأنبياء عليهم السلام، ثم دخلت المسجد فنشرت لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، من سمى منهم ومن لم يسم، فصليت بهم إلا هؤلاء الثلاث‏:‏ إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد، ثم دخلت إلى الصخرة، فإذا ملك قائم معه آنية ثلاث، فتناولت العسل، فشربت منه قليلا، ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت، فإذا هو لبن، فقال اشرب من الآخر، فإذا هو خمر، قلت قد رويت‏.‏ قال‏:‏ أما أنك لو شربت من هذا لم تجتمع أمتك على الفطرة أبدا، ثم انطلق بي إلى السماء، ففرضت علي الصلاة، ثم رجعت إلى خديجة رضي الله عنها وما تحولت عن جانبها الآخر‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت‏:‏ بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في بيتي، ففقدته من الليل، فامتنع عني النوم مخافة أن يكون عرض له بعض قريش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن جبريل عليه السلام أتاني فأخذ بيدي فأخرجني فإذا على الباب دابة دون البغل وفوق الحمار، فحملني عليها ثم انطلق حتى أتى بي إلى بيت المقدس، فأراني إبراهيم يشبه خلقه خلقي، ويشبه خلقي خلقه، وأرأني موسى آدم طوالا، سبط الشعر أشبهه برجال أزد شنوأة، وأراني عيسى ابن مريم ربعة أبيض يضرب إلى الحمرة شبهته بعروة بن مسعود الثقفي، وأراني الدجال ممسوح العين اليمنى شبهته بقطن بن عبد العزى، قال‏:‏ وأنا أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم ما رأيت‏"‏ فأخذت بثوبه، فقلت إني أذكرك الله، إنك تأتي قوما يكذبونك وينكرون مقالتك، فأخاف أن يسطوا بك، قالت‏:‏ فضرب ثوبه من يدي، ثم خرج إليهم فأتاهم وهم جلوس، فأخبرهم، فقام مطعم بن عدي فقال‏:‏ يا محمد، لو كنت شابا كما كنت ما تكلمت بما تكلمت به وأنت بين ظهرانينا‏.‏ فقال رجل من القوم‏:‏ يا محمد، هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم، والله وجدتهم قد أضلوا بعير لهم فهم في طلبه‏"‏ قال‏:‏ هل مررت بإبل لبني فلان قال‏:‏ ‏"‏نعم وجدتهم في مكان كذا وكذا، قد انكسرت لهم ناقة حمراء، فوجدتهم وعندهم قصعة من ماء فشربت ما فيها‏"‏ قالوا‏:‏ فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏قد كنت عن عدتها مشغولا‏"‏ فقام وأتى بالإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء‏.‏ ثم أتى قريشا فقال له‏:‏ ‏"‏سألتموني عن إبل بني فلان، فهي كذا وكذا، وفيها من الرعاء فلان وفلان، وسألتموني عن إبل بني فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء ابن أبي قحافة وفلان وفلان وهي مصبحتكم الغداة الثنية‏"‏ فقعدوا إلى الثنية ينظرون أصدقهم ما قال، فاستقبلوا الإبل فسألوا، هل ضل لكم بعير‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ فسألوا الآخر، هل انكسر لكم ناقة حمراء‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فهل كان عندكم قصعة من ماء‏؟‏ قال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ والله أنا وضعتها فما شربها أحد منا ولا أهريقت في الأرض، فصدقه أبو بكر رضي الله عنه وآمن به، فسمي يومئذ الصديق‏.‏

الآية 1 - 8 ‏(‏تابع‏)‏

وأخرج أبو يعلى وابن عساكر، عن أم هانئ رضي الله عنها قال‏:‏ دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بغلس وأنا على فراشي، فقال‏:‏ ‏"‏شعرت أني نمت الليلة في المسجد الحرام فأتاني جبريل، فذهب بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فركبته، فكان يضع حافره في مد بصره، إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه، وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه، وجبريل لا يفوتني حتى انتهينا إلى بيت المقدس، فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها، فنشر لي رهط من الأنبياء عليهم السلام منهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض، فشربت الأبيض، فقال لي جبريل عليه السلام‏:‏ شربت اللبن وتركت الخمر، لو شربت الخمر لارتدت أمتك، ثم ركبته فأتيت المسجد الحرام، فصليت به الغداة، فتعلقت بردائه وقلت‏:‏ أنشدك الله يا ابن عم، أن تحدث بها قريشا، فيكذبك من صدقك، فضربت بيدي على ردائه فانتزعته من يدي، فارتفع عن بطنه فنظرت إلى عكنه فوق إزاره كأنها طي القراطيس، وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد أن يختطف بصري، فخررت ساجدة، فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج، فقلت لجاريتي‏:‏ ويحك اتبعيه، وانظري ماذا يقول وماذا يقال له، فلما رجعت أخبرتني أنه انتهى إلى نفر من قريش فيهم المطعم بن عدي وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏إني صليت الليلة العشاء في هذه المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك ببيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم‏"‏ فقال عمرو بن هشام - كالمستهزئ - ‏:‏ صفهم لي‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أما عيسى ففوق الربعة ودون الطويل عريض الصدر جعد الشعر يعلوه صهبة كأنه عروة بن مسعود الثقفي، وأما موسى فضخم آدم طوال كأنه من رجال شنوأة كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفة خارج اللثة عابس، وأما إبراهيم فوالله لأنا أشبه الناس به خلقا‏"‏ فضجوا وأعظموا ذاك، فقال المطعم‏:‏ كل أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم، أنا أشهد أنك كاذب، نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا تزعم أنك أتيته في ليلة‏!‏ واللات والعزى لا أصدقك‏.‏ فقال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ يا مطعم، بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذبته، أنا أشهد أنه صادق، فقالوا‏:‏ يا محمد، صف لنا بيت المقدس، قال‏:‏ دخلته ليلا وخرجت منه ليلا، فأتاه جبريل عليه السلام فصوره في جناحه، فجعل يقول باب منه كذا في موضع كذا، وباب منه كذا في موضع كذا، وأبو بكر رضي الله عنه يقول‏:‏ صدقت، صدقت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ‏:‏ ‏"‏يا أبا بكر إن الله قد سماك الصديق‏"‏ قالوا يا محمد، أخبرنا عن عيرنا، قال‏:‏ ‏"‏أتيت على عير بني فلان بالروحاء قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد وإذا قدح ماء فشربت منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان فنفرت مني الإبل وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق مخطط ببياض لا أدري أكسر البعير أم لا، ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل أورق وها هي ذه تطلع عليكم من الثنية‏"‏ فقال الوليد بن المغيرة‏:‏ ساحر، فانطلقوا فنظروا فوجدوا كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا‏:‏ صدق الوليد‏.‏ فأنزل الله ‏(‏وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس‏)‏ ‏(‏الإسراء، آية 60‏)‏‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن جرير، عن أم هانئ رضي الله عنها قالت‏:‏ ما أسري برسول الله إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى الصبح وصلينا معه قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه، ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن عساكر، عن عبد الله بن عمر، وأم سلمة وعائشة وأم هانئ وابن عباس رضي الله عنهما، دخل حديث بعضهم في بعض قالوا‏:‏ أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏حملت على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغل في فخذها جناحان تحفز بهما رجليها، فلما دنوت لأركبها شمست، فوضع جبريل عليه السلام يده على معرفتها ثم قال‏:‏ ألا تستحتين يا براق مما تصنعين، والله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه، فاستحيت حتى ارفضت عرقا، ثم قرت حتى ركبتها، فعلت بأذنيها وقبضت الأرض حتى كان منتهى وقع حافرها طرفها، وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنين‏.‏

وخرج معي جبريل لا يفوتني ولا أفوته حتى أتى بيت المقدس، فأتى البراق إلى موقفه الذي كان يقف فربطه فيه، وكان مربط الأنبياء عليهم السلام، رأيت الأنبياء جمعوا لي، فرأيت إبراهيم وموسى وعيسى، فظننت أنه لا بد أن يكون لهم إمام، فقدمني جبريل عليه السلام حتى صليت بين أيديهم، وسألتهم‏؟‏ فقالوا‏:‏ بعثنا بالتوحيد‏"‏‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ فقد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، فتفرقت بنو عبد المطلب يطلبونه يلتمسونه، وخرج العباس رضي الله عنه حتى إذا بلغ ذا طوى، فجعل يصرخ يا محمد يا محمد، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك لبيك، فقال‏:‏ ابن أخي، أعييت قومك منذ الليلة، فأين كنت‏؟‏ قال‏:‏ أتيت من بيت المقدس، قال‏:‏ في ليلتك‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ هل أصابك إلا خير‏؟‏ قال‏:‏ ما أصابني إلا خير‏.‏ وقالت أم هانئ رضي الله عنها‏:‏ ما أسري به إلا من بيتنا، بينا هو نائم عندنا تلك الليلة صلى العشاء ثم نام، فلما كان قبل الفجر أنبهناه للصبح فقام فصلى الصبح‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء كما رأيت بهذا الوادي ثم قد جئت بيت المقدس فصليت به، ثم صليت الغداة معكم‏"‏ ثم قام ليخرج، فقت لا تحدث هذا الناس فيكذبوك ويؤذوك‏.‏ فقال‏:‏ والله لأحدثنهم، فأخبرهم، فتعجبوا وقالوا لم نسمع بمثل هذا قط‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام‏:‏ ‏"‏يا جبريل، إن قومي لا يصدقوني‏"‏ قال‏:‏ يصدقك أبو بكر وهو الصديق‏.‏ وافتتن ناس كثير وضلوا كانوا قد أسلموا وقمت في الحجر، فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه، فقال بعضهم‏:‏ كم للمسجد من باب‏؟‏ - ولم أكن عددت أبوابه - فجعلت أنظر إليها وأعدها بابا وأعلمهم، وأخبرتهم عن عير لهم في الطريق وعلامات فيها، فوجدوا ذلك كما أخبرتهم‏.‏ وأنزل الله ‏(‏وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس‏)‏ قال‏:‏ كانت رؤيا عين رآها بعينه‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق ليلة أسري به مسرجا ملجما ليركبه فاستصعب عليه فقال له جبريل عليه السلام‏:‏ أبمحمد صلى الله عليه وسلم تفعل هذا‏؟‏ فوالله ما ركبك خلق أكرم على الله منه‏.‏ قال‏:‏ فأرفض عرقا‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال‏:‏ أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول، قبل الهجرة بسنة‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل، عن ابن شهاب رضي الله عنه قال‏:‏ أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، قبل خروجه إلى المدينة بستة عشر شهرا‏.‏

وأخرج البيهقي عن عروة مثله‏.‏

وأخرج البيهقي، عن السدي رضي الله عنه قال‏:‏ أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، قبل مهاجره بستة عشر شهرا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن مردويه والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام قائما يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، مر على موسى وهو يصلي في قبره‏.‏ قال‏:‏ وذكر لي أنه حمل على البراق‏.‏ قال‏:‏ فأوثقت الفرس‏.‏ أو قال‏:‏ الدابة بالحلقة‏.‏ فقال أبو بكر رضي الله عنه صفها لي يا رسول الله، قال‏:‏ كذه وذه‏.‏ وكان أبو بكر رضي الله عنه قد رآها‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو قائم يصلي في قبره‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما أسري بالنبي جعل يمر بالنبي والنبيين معهم الرهط، والنبيين معهم القوم والنبي والنبيين ليس معهم أحد، حتى مر بسواد عظيم، ‏"‏فقلت‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ فقيل موسى وقومه، ولكن ارفع رأسك وانظر، فإذا سواد عظيم‏!‏ قد سد الأفق من ذا الجانب وذا الجانب، فقيل لي‏:‏ هؤلاء وسوى هؤلاء من أمتك، سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب‏"‏ قال‏:‏ فدخل ولم يسألوه بأنفسهم ولم يفسر لهم‏.‏ فقال قائلون‏:‏ نحن هم‏.‏ وقال قائلون هم أبناؤنا الذين ولدوا في الإسلام، فخرج فقال‏:‏ ‏"‏هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون‏"‏‏.‏ فقام عكاشة بن محصن فقال‏:‏ أنا منهم يا رسول الله‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏أنت منهم‏"‏، فقام رجل آخر فقال‏:‏ أنا منهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏سبقك بها عكاشة‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي والبزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، فقلت‏:‏ يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة‏؟‏ قال‏:‏ ماشطة بنت فرعون وأولادها كانت تمشطها، فسقط المشط من يدها، فقالت بسم الله، فقالت ابنة فرعون، أبي‏؟‏ قالت‏:‏ بل ربي وربك ورب أبيك‏.‏ قالت‏:‏ أولك رب غير أبي‏؟‏ قالت‏:‏ ألك رب غيري‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ربي وربك الله الذي في السماء‏.‏ فأمر ببقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها لتلقى فيها وأولادها‏.‏ قالت‏:‏ إن لي إليك حاجة، قال‏:‏ وما هي‏؟‏ قالت‏:‏ تجمع عظامي وعظام ولدي، فتدفنه جميعا‏.‏ قال‏:‏ ذلك لك لما لك علينا من الحق، فألقوا واحدا واحدا حتى بلغ رضيعا فيهم قال‏:‏ أسرعي يا أمه ولا تقاعسي فإنك على الحق، فألقيت هي وولدها‏.‏ قال ابن عباس رضي الله عنه وتكلم أربعة وهم صغار‏:‏ هذا، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى ابن مريم‏.‏

وأخرج ابن ماجه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي وجدت ريحا طيبة، فقلت‏:‏ يا جبريل، ما هذه‏؟‏ قال‏:‏ هذه الماشطة وزوجها وابنها، بينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها، فقال‏:‏ تعس فرعون، فأخبرت أباها، وكان للمرأة ابنان وزوج، فأرسل إليهم، فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما، فأبيا، فقال‏:‏ إني قاتلكما‏:‏ فقالا إحسان منك إلينا، إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت، ففعل، فلما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، وجد ريحة طيبة، فسال جبريل عليه السلام‏؟‏ فأخبره‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون في وجوههم وصدورهم، فقلت‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي مررت بناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت عادت كما كانت، فقلت‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏، قال‏:‏ هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي رأيت رجلا يسبح في نهر يلقم الحجارة فسألت من هذا‏؟‏ فقيل لي‏:‏ هذا آكل الربا‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي والبزار والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل، عن بريدة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما كان ليلة أسري بي، أتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس، فوضع أصبعه فيها فخرقها فشد بها البراق‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال‏:‏ لما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به الماء، ثم الخمر، ثم اللبن، أخذ اللبن‏.‏ فقال له جبريل عليه السلام‏:‏ أصبت الفطرة، وبه غذيت كل دابة، ولو أخذت الخمر غويت وغوت أمتك وكنت من أهل هذه، وأشار إلى الوادي الذي يقال له وادي جهنم، فنظر إليه فإذا هو نار تلتهب‏.‏

وأخرج أحمد وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إني ليلة أسري بي، وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء عليهم السلام من بيت المقدس، وعرض علي عيسى عليه السلام، فإذا أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود، وعرض علي موسى عليه السلام، فإذا رجل جعد ضرب من الرجال، وعرض علي إبراهيم عليه السلام، فإذا أقرب الناس به شبها صاحبكم‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏حين أسري بي لقيت موسى عليه السلام، فنعته فإذا هو رجل مضطرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوأة، ولقيت عيسى عليه الصلاة والسلام فنعته ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس، ورأيت إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنا أشبه ولده به، وأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، قيل لي خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربت، قيل لي هديت للفطرة أما لو أنك لو أخذت الخمر غوت أمتك‏"‏‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآية 1 - 8 ‏(‏تابع‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج مسلم والنسائي وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربا ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما سألوني عن شيء، إلا أنبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وإذا موسى عليه السلام قائم وإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوأة، وإذا عيسى عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم، - يعني نفسه - فحانت الصلاة فأممتهم، فلما فرغت قال قائل‏:‏ يا محمد، هذا مالك خازن النار، فالتفت إليه فبدأني بالسلام‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مالكا خازن النار، فإذا رجل عابس يعرف الغضب في وجهه‏.‏

وأخرج أحمد، عن عبيد بن آدم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بالجابية، فذكر فتح بيت المقدس، فقال لكعب رضي الله عنه‏:‏ أين ترى أن أصلي‏؟‏ قال‏:‏ خلف الصخرة‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم إلى القبلة فصلى‏.‏

وأخرج أحمد وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والضياء في المختارة بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ليلة أسري بالنبي دخل الجنة فسمع في جانبها وجسا، فقال‏:‏ يا جبريل ما هذا‏؟‏ فقال‏:‏ هذا بلال المؤذن‏.‏ فقال النبي حين جاء إلى الناس‏:‏ ‏"‏قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا‏"‏ فلقيه موسى عليه الصلاة والسلام فرحب به وقال مرحبا بالنبي الأمي، قال‏:‏ ‏"‏وهو رجل آدم طويل سبط، شعره مع أذنيه أو فوقهما، فقال‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا موسى، فمضى فلقيه رجل فرحب به، قال‏:‏ من هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا عيسى عليه السلام، فمضى فلقيه شيخ جليل مهيب فرحب به وسلم عليه، وكلهم يسلم عليه، قال‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏، قال‏:‏ أبوك إبراهيم عليه السلام‏.‏ قال‏:‏ ونظر في النار، فإذا قوم يأكلون الجيف‏!‏ قال‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس‏.‏ ورأى رجلا أحمر أزرق جدا، قال‏:‏ من هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذا عاقر الناقة، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى، قام يصلي، ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه، فلما انصرف جيء بقدحين أحدهما عن اليمين، والآخر عن الشمال، في أحدهما لبن، وفي الآخرة عسل، فأخذ اللبن فشرب منه، فقال الذي كان معه القدح‏:‏ أصبت الفطرة‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن مردويه وابو نعيم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره، وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم، فقال ناس‏:‏ نحن لا نصدق محمدا بما يقول‏:‏ فارتدوا كفارا‏!‏ فضرب الله رقابهم مع أبي جهل‏.‏ وقال أبو جهل‏:‏ يخوفنا محمد بشجرة الزقوم، هاتوا تمرا وزبدا فتزقموا به‏.‏ ورأى الدجال في صورته، رؤيا عين ليس برؤيا منام‏.‏ وعيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏رأيته ‏[‏‏]‏ قيلمانيا أقمرهجان، إحدى عينيه قائمة كأنها كوكب دري، كأن شعره أغصان شجرة‏.‏ ورأيت عيسى عليه السلام شابا أبيض جعد الرأس حديد البصر مبطن الخلق، ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر شديد الخلق، ونظرت إلى إبراهيم عليه السلام فلا أنظر إلى أرب منه إلا نظرت إليه مني حتى كأنه صاحبكم، قال جبريل عليه السلام سلم على أبيك فسلمت عليه‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم والطبراني وابن مردويه من طريق قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران عليه السلام رجلا طوالا جعدا كأنه من رجال شنوأة، ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس، ورأيت مالكا خازن جهنم، والدجال في آيات أراهن الله‏"‏ قال‏:‏ ‏(‏فلا تكن في مرية من لقائه‏)‏ ‏(‏السجدة، آية 23‏)‏ فكان قتادة رضي الله عنه يفسرها أن النبي صلى الله عليه وسام قد لقي موسى عليه السلام‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لقيت ليلة أسري بي، إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى موسى، فقال‏:‏ لا علم لي بها، فردوا أمرهم إلى عيسى، فقال‏:‏ أما وجبتها، فلا يعلم بها أحد إلا الله تعالى‏.‏ وفيما عهد إلي ربي، أن الدجال خارج، ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص، فيهلكه الله إذا رآني، حتى أن الحجر والشجر يقول‏:‏ يا مسلم، إن تحتي كافرا، فتعال فاقتله، فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيطأون بلادهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، لا يمرون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع إلي، فيشكونهم فأدعو الله تعالى عليهم، فيهلكهم ويميتهم، حتى تجيف الأرض من نتن ريحهم، فينزل الله المطر، فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر‏.‏ ففيما عهد إلي ربي إن كان كذلك، أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا‏"‏‏.‏وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن حذيفة رضي الله عنه أنه حدث، عن ليلة أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ما زايل البراق حتى فتحت له أبواب السماوات، فرأى الجنة والنار، ووعد الآخرة أجمع، ثم عاد ولفظ ابن مردويه، فأري ما في السماوات وأري ما في الأرض قيل له أي دابة البراق‏؟‏ قال‏:‏ دابة طويل أبيض خطوه مد البصر‏.‏

وأخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عساكر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة عرج بي إلى السماء، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا، محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق خلفي‏"‏‏.‏

وأخرج البزار عن ابن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما عرج إلى السماء، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا، محمد رسول الله‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند صحيح، عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مررت ليلة أسري بي على الملأ الأعلى، فإذا جبريل كالحلس البالي من خشية الله، وفي لفظ لابن مردويه، مررت على جبريل في السماء الرابعة، فإذا هو كأنه حلس بال من خشية الله‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي إلى المسجد الأقصى، كان بين المقام وزمزم، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فطارا به حتى بلغ السماوات العلى، فلما رجع قال‏:‏ سمعت تسبيحا في السموات العلى مع تسبيح كثير سبحت السماوات العلى من ذي المهابة مشفقات من ذي العلو بما علا، سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسرى بي جبريل، سمعت تسبيحا في السماوات العلى، فرجف فؤادي فقال لي جبريل عليه السلام‏:‏ تقدم يا محمد ولا تخف، فإن اسمك مكتوب على العرش، لا إله إلا الله محمد رسول الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة و وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي لما نتهينا إلى السماء السابعة، نظرت فوق فإذا رعد وبرق وصواعق، وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات والعقارب ترى من خارج بطونهم، فقلت‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء أكلة الربا، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت إلى أسفل مني، فإذا أنا برهج ودخان وأصوات، فقلت‏:‏ ما هذا يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم، لا يتفكرون في ملكوت السماوات والأرض، ولولا ذلك لرأوا العجائب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي، مرت بالكوثر، فقال جبريل عليه السلام‏:‏ هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فضربت بيدي على تربته، فإذا مسك أذفر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لما عرج بي إلى السماء، رأيت نهرا يطرد عجاجا مثل السهم، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، حافتاه قباب من در مجوف، فضربت بيدي إلى جانبه، فإذا مسكة ذفراء، فضربيت بيدي إلى رضراضها، فإذا در‏.‏ قلت‏:‏ يا جبريل، ما هذا النهر‏؟‏ قال‏:‏ هذا الكوثر الذي أعطاك ربك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رأيت إبراهيم ليلة أسري بي وهو أشبه من رأيت بصاحبكم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن حبان وابن رمدويه، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏عرج بي إلى السماء فرأيت إبراهيم خليل الرحمن، فقال إبراهيم‏:‏ يا جبريل، من هذا الذي معك‏؟‏ فقال جبريل‏:‏ هذا محمد، فرحب بي وقال‏:‏ مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة‏.‏ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ وما غراس الجنة‏؟‏ قال‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أتيت ليلة أسري بي على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقال‏:‏ يا محمد، أخبر أمتك أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لقيت إبراهيم ليلة أسري بي، فقال‏:‏ يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها‏:‏ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي رأيت الجنة من درة بيضاء، فقلت يا جبريل، إنهم يسألوني عن الجنة‏؟‏ قال‏:‏ أخبرهم أن أرضها قيعان وترابها المسك‏"‏‏.‏

وأخرج و‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة، الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر، فقلت‏:‏ يا جبريل، ما بال القرض أفضل من الصدقة‏؟‏ قال‏:‏ لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني، عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي إلى السماء، أدخلت الجنة، فوقعت على شجرة من أشجار الجنة، لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقا ولا أطيب ثمرة، فتناولت ثمرة من ثمراتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة رضي الله عنها، فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وضعفه، عن سعد بن أبي وقاص رضي اله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتاني جبريل عليه السلام بسفرجلة، فأكلتها ليلة أسري بي، فعلقت خديجة بفاطمة، فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة‏"‏‏.‏

وأخرج البزار وأبو قاسم البغوي وابن قانع كلاهما في معجم الصحابة وابن عدي وابن عساكر، عن عبد الله بن أسعد بن زرارة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي انتهيت إلى قصر من لؤلؤة ولفظ البغوي أسري بي في قفص من لؤلؤة، فراشه ذهب يتلألأ نورا وأعطيت ثلاثا‏:‏ إنك سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقأئد الغر المعجلين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن قانع والطبراني وابن مردويه، عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أسري بي إلى السماء السابعة، فإذا على ساق العرش الأيمن، لا إله إلا الله محمد رسول الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏"‏لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر، عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي، رأيت على العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين‏"‏‏.‏

وأخرج الدارقطني في الأفراد والخطيب وابن عساكر، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏رأيت ليلة أسري بي في العرش فريدة خضراء فيها مكتوب بنور أبيض، لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق عمر الفاروق‏"‏‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏